أبوظبي: نجاة الفارس
حضرت عزيزة إبراهيم من مصر إلى الإمارات قبل 39 عاماً، وعملت بجد واجتهاد وحرصت على تطوير مهاراتها وخبراتها في التعليم، وأسهمت في تربية أجيال عدة في الدولة. في البداية عملت مدرسة تربية إسلامية بمدرسة خاصة في أبوظبي، ثم تدرجت بالسلم الوظيفي حتى أصبحت مديرة مدرسة، وخلال رحلتها في الدولة واكبت تطور التعليم الذي تقول إنه يسير بسرعة الضوء انطلاقاً من الاهتمام بهذا القطاع؛ حيث الخطط المدروسة والمناهج المتجددة المواكبة للعصر.
تقول عزيزة إبراهيم: وصلت إلى الإمارات في 22 أكتوبر/تشرين الأول 1982، حضرت عروساً واستقبلوني في المطار بالورود، وكانت خلفيتنا عن الإمارات أنها واحة تحت البناء والتطور، ومن ثم فإن مجالات العمل مفتوحة أمام من لديه المؤهل المناسب، ووجدت الإمارات ترفل بالهدوء والراحة النفسية في التعامل، خاصة أنها كانت المرة الأولى التي أتغرب فيها عن منزل أسرتي، وكان زوجي يعمل محاسباً في دائرة الماء والكهرباء، وكنت خريجة علم اجتماع من جامعة عين شمس، وعمري 23 عاماً. واليوم مر على إقامتي في الإمارات 39 سنة.
وتضيف: من المواقف التي لا تنسى في حياتي في نهاية الثمانينات، كنت أقطع الشارع بمنطقة النادي السياحي سابقاً (الزاهية حالياً)، وكان الشارع الرئيسي في تلك المنطقة خالياً تماماً من الإشارات الضوئية، وكان بديلاً عنها على كل تقاطع دوار، ومن ثم قطع الشارع ليس سهلاً، لأنه لا يوجد وقت معين لتوقف السيارات، وخلال محاولاتي لقطع الشارع، توقفت سيارة وفتحت نافذتها لأسمع «سيرين سيرين»، وعندما التفت إلى السيارة فوجئت بالمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثره، وقد طلب من السائق التوقف لإتاحة المجال لي لعبور الشارع بأمان، وهذا الموقف يعكس مدى الاهتمام الكبير، الذي كان يوليه القائد المؤسس للإنسان وتوفير الراحة التامة والاستقرار والأمن والأمان له في الإمارات.
وتتابع: من المواقف الخالدة في ذاكرتي، عودة الشيخ زايد، رحمه الله، من رحلة العلاج عام 1996، عندما شاركنا مع طلبة المدرسة التي كنت فيها، وجميع الكادر الإداري والتعليمي، في احتفالات الاستقبال، خاصة أن المدرسة كانت على الشارع الرئيسي الذي تمت فيه الاستقبالات؛ حيث استقبلناه بالأعلام والزهور والأناشيد الوطنية، وكانت الفرحة النابعة من أعماق القلب تغمرنا جميعاً حباً للقائد المؤسس الذي احتضن الجميع، ورسخ مبادئ الأمن والاستقرار في ربوع الوطن.
بدايات
بدأت عزيزة إبراهيم بالالتحاق بدورات تأهيل تربوي في وزارة التربية والتعليم لمدة عامين، وحصلت على دورات عدة لتدريس مادة التربية الإسلامية للمراحل الدنيا. ثم قدمت أوراقها في قسم التعليم الخاص بالوزارة، وخضعت لاختبار الحصول على رخصة مزاولة مهنة معلمة تربية إسلامية، واجتازته بنجاح. عن الخطوات التالية، تقول: عملت معلمة تربية إسلامية عام 1984 بمدرسة خاصة أنشأتها المربية الفاضلة نوال بني هاني، وأنا، وكانت البداية مع طالبة واحدة ولمدة فصل دراسي كامل، ثم توالى الطلبة.
واستمررت أدرس التربية الإسلامية عشر سنوات، ثم عيّنت مشرفة قسم البنات في المدرسة. وبعد عامين أصبحت وكيلتها حتى عام 2009، عقب ذلك التحقت بمدرسة بدر الكبرى مديرة لها لغاية 2011، ثم عملت مديرة مدرسة الإيمان الخاصة حتى 2018. وبذلك عملت 34 عاما في قطاع التعليم في أبوظبي، ثم تقاعدت.
وتقول: لديّ ولدان وبنتان وهم من مواليد الإمارات: كريم، مهندس معدات طبية، ومنار الإسلام، حائزة شهادة جامعية في نظم المعلومات، وحسام الدين، مهندس مدني خريج جامعة الشارقة، وإسراء، خريجة تصميم داخلي فنون جميلة جامعة الشارقة، وجميعهم يعملون هنا في الإمارات، ونعيش بنعمة الأمن والأمان.
تطور
بالنسبة لتطور التعليم في الدولة بين الماضي والحاضر، توضح عزيزة إبراهيم، أنه شهد تطوراً كبيراً جداً، وكانت الخطط تتوالى مباشرة مع الأخذ في الحسبان أن التعليم أساس بناء الإنسان، وأن المناهج خاصة تتطور بعد تقييمها وربطها بسوق العمل. وتتوقف عند اهتمام الإمارات الكبير بالإنسان، وتقول: لمست ذلك بالتحاقي بمجالات تطوع عدة في الدولة على مدى عشر سنوات، بعد تقاعدي، منها مدينة الشيخ خليفة الطبية في أبوظبي، ففيها قسم المساندة الذي يستقطب متطوعين لتدريس الأطفال المرضى، فضلاً عن مجالستهم أثناء غياب أهاليهم، وكنت أتناوب مع صديقاتي في ذلك. والاهتمام واضح بالإنسان مهما كانت جنسيته أو ديانته، لذلك نعيش جميعاً بسلام وأمان وتآخٍ وتسامح.
وخلال تطوعي في المدينة، حضر الفريق الطبي ليستقبلنا، فإذا أحدهم شاب يسلم عليّ، ويخبرني أنه كان من طلابي، فغمرتني حينها الفرحة وتأجّجت مشاعري، كمن يحصد ثمرة مجهوده وتعبه خيراً ومحبة.