أفاد باحثون عن عمل في داخل الدولة وخارجها، بأنهم وقعوا ضحايا لمواقع توظيف إلكترونية، واستولى القائمون عليها على مبالغ مالية منهم، مقابل وظائف وهمية داخل جهات مختلفة في الدولة، ولم يتمكنوا من استعادة أموالهم حتى الآن، موضحين أن رغبتهم في تحسين أوضاعهم الوظيفية والمعيشية، هي التي دفعتهم إلى المجازفة بدفع الأموال.
ترويج شائعاتأكدت هيئة الإمارات للهوية عدم صحة ما تداوله البعض، أخيراً، عبر الرسائل النصية القصيرة ووسائل التواصل الاجتماعي، حول توافر وظائف شاغرة في مراكز تتبع للهيئة داخل مطارات الدولة.وأهابت الهيئة بالمتعاملين عدم الالتفات إلى الشائعات، مشيرة إلى أن الإعلان عن الوظائف الشاغرة لديها يتم بشكل رسمي من خلال الصحف المحلية وعبر موقعها الإلكتروني.جاء ذلك بعدما انتشرت في الفترة الأخيرة شائعات حول توافر وظائف شاغرة في بعض الجهات الحكومية، ومنها هيئة الإمارات للهوية.
الوظائف الحكومية تعلن رسمياً أكد مسؤول موارد بشرية في جهة حكومية، طلب عدم نشر اسمه، أن الجهات الحكومية في الدولة تعلن عن وظائفها بصورة رسمية، سواء من خلال الصحف المطبوعة أو من خلال مواقعها الإلكترونية، بما يسمح للباحثين عن عمل من ذوي الخبرة والكفاءة بالاطلاع على الوظائف الشاغرة والتقدم لها إلكترونياً. ونبه إلى ضرورة أخذ الحيطة والحذر من وسطاء الإنترنت الذين يوهمون ضحاياهم بقدرتهم على توظيفهم في الجهات الحكومية مقابل مبالغ مالية، داعياً الباحثين عن عمل إلى ضرورة التعامل المباشر مع إعلانات التوظيف الحكومية من دون وسطاء. رسائل توظيف وهمية نشر مستشفى «كليفلاند كلينك أبوظبي» تحذيراً على صفحته على الإنترنت، طالب فيه أي شخص يتلقى رسالة توظيف من أي جهة تدعي أن الرسالة من قبل المستشفى، وتطلب منه تحويل مبلغ من الأموال لتأمين وظيفة له، فعليه التأكد من أن الرسالة التي تلقاها مزيفة ولم تصدر عنه، وعليه التواصل مع المستشفى عبر البريد الإلكتروني [email protected]. وأكد المستشفى أنه لن يطلب أو يقبل المال قطعاً من أجل تأمين أي وظيفة، وأنه يعمل بجهد بالتعاون مع الجهات المختصة والمعنية للتحقيق في هذه المسألة وإيجاد حل لها. وذكر أحد العاملين بالمستشفى أنه تلقى أكثر من شكوى يفيد أصحابها بأنهم تلقوا رسائل للعمل في المستشفى برواتب ومميزات كبيرة، وأنه طُلب منهم تحويل مبالغ مالية لتأمين الوظيفة وإنهاء إجراءات التعيين. |
من جهتهم، حذر مختصون قانونيون وأمنيون وفي مجال التوظيف، من محترفي النصب والاحتيال الإلكتروني، مؤكدين أهمية التعامل مع الشركات الموثوق بها، وعدم دفع أي مبالغ مالية مقابل الحصول على وظيفة.
وتفصيلاً، أكد المهندس الكيميائي، أحمد صابر، أنه «وضع سيرته الذاتية على أكثر من موقع توظيف إلكتروني، وبعد نحو شهر وصلته رسالة على بريده الإلكتروني تفيد بقبوله المبدئي في إحدى الشركات الكبرى، التي تطالبه بتزويدها ببعض البيانات الإضافية».
وتابع: «أرسلت الأوراق المطلوبة، وبعدها تلقيت اتصالاً هاتفياً، وتم إجراء مقابلة معي عبر الهاتف، وأخبرني القائمون على الموقع بأن العقد سيرسل لي عبر بريدي الإلكتروني، ووصلني بالفعل العقد، ولكن بعدها تلقيت رسالة جديدة تطالبني بتحويل مبلغ 1000 درهم رسوماً لاستخراج موافقة مبدئية على استقدامي للعمل».
وأضاف: «حوّلت المبلغ إلى مسؤولي الموقع، وبعدها تلقيت مكالمة تفيد بأن إجراءات التوظيف انتهت، وأنني مطالب بدفع 1000 درهم أخرى لاستخراج تصريح العمل، لحين نقل كفالتي على الشركة، فتشككت في الأمر، وتواصلت مع الشركة التي من المفترض سأعمل بها، وفوجئت بعدم معرفتهم أي شيء عن الأمر، وتيقنت أنني تعرضت لعملية نصب واحتيال».
وقال المهندس محمد حمزة، مقيم في مصر، إنه وضع سيرته الذاتية على أحد مواقع التوظيف للحصول على وظيفة داخل الدولة، وبعدها بنحو أسبوع تلقى عرض عمل منسوباً إلى أحد المستشفيات في أبوظبي، واتصل به شخص ادعى أنه مسؤول التوظيف في المستشفى، وسأله عن بعض الأشياء السطحية في تخصصه الهندسي، وعقب المكالمة وصلت إليه رسالة بريدية من الحساب نفسه تطالبه بتوقيع العقد لإنهاء إجراءات التعيين، وبعدها بيوم تلقى مكالمة تفيد بقبوله في العمل، وطالبه المتصل بتحويل 5000 درهم لإنهاء إجراءات الاستقدام وحجز تذكرة الطيران.
وأضاف: «أخبرني المتصل بأن الأموال التي سأحولها سأستردها مع راتب الشهر الأول، وأن هذا الإجراء حتى لا يتحمل المستشفى خسائر في حال تراجعي عن العمل، فصدقته وحولت المبلغ وبعدها لم يصلني أي شيء، ما أثار قلقي وبعثت أكثر من رسالة على البريد الإلكتروني الخاص به، لكن لم أتلقَّ رداً، وكما حاولت الاتصال به على رقم الهاتف الذي تواصل معي من خلاله، ولكنه كان مغلقاً، فطلبت من أحد أصدقائي المقيمين في الدولة التواصل مع المستشفى، لكنه فوجئ بعدم وجود مستشفى يحمل هذا الاسم من الأساس، فأدركت أنني تعرضت لعملية نصب».
وقال عماد سعيد إنه وقع ضحية لعملية نصب واحتيال، بعدما أوهمه شخص بقدرته على توظيفه في جهة حكومية، وطلب منه إحضار الأوراق المطلوبة للتعيين، ومبلغ 500 درهم لإنهاء بعض الإجراءات الخاصة بالوظيفة، مشيراً إلى أنه صدقه، خصوصاً أن مظهره كان ينم عن وقار وشخصية متدينة.
وأضاف أنه انتظر أسبوعاً للحصول على الوظيفة التي وعد بها، لكنه اكتشف في النهاية أنه وقع لعملية احتيال، بعد أن أغلق المحتال هاتفه، ولم تفلح محاولاته في العثور عليه، لافتاً إلى أنه رأى أنه ليس في حاجة إلى إبلاغ الشرطة لضآلة المبلغ، فضلاً عن أنه ليس لديه دليل يثبت حقه.
من جانبه، قال مدير مكتب ثقافة احترام القانون في الأمانة العامة لمكتب سمو نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، العقيد الدكتور صلاح الغول، إن «عمليات النصب والاحتيال قد تأخذ أشكالاً عدة يلجأ لها محترفو هذه المهن للإيقاع بالآخرين للاستيلاء على أموالهم»، لافتاً إلى أنه «غالباً يستغل هؤلاء المحتالون احتياجات الأفراد الأساسية، كالحاجة إلى إيجاد فرصة عمل ومصدر رزق، وتالياً يلعب المحتال دوراً نفسياً بالغ التأثير في خلق أمل لدى الضحية، الذي يكون مهيأ للتعلق بأي أمل حتى لو كان وهماً، واللافت أن الموضوع بالنسبة لآخرين في غير موقفه يبدو مثيراً للريبة ومحاطاً بالغموض، ولكن نظراً إلى الحالة النفسية لفاقدي الأمل والثقة بالنفس يكونون فرصة سهلة للاحتيال».
وأضاف الغول لـ«الإمارات اليوم» أن «الأفراد الذين يتقنون فنون الإجرام بأشكاله، موجودون في كل المجتمعات، وسهلت لهم وسائل التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي مهمة الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من الضحايا الذين لا يحتاجون إلى جهد كبير للإيقاع بهم»، مشيراً إلى أنه «لا يمكن لأي جهة أمنية أن تمنع وقوع مثل هذه الحوادث، وإن كانت التوعية الدائمة تلعب دوراً مهماً في الحد منها».
ونبه إلى أن «المشرع الإماراتي شدد على عقوبة جريمة الاحتيال الإلكتروني الواردة في قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، حيث يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة واحدة ولا تزيد على ثلاث سنوات، والغرامة التي لا تقل عن 250 ألف درهم ولا تجاوز مليون درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استولى لنفسه أو لغيره بغير حق على مال منقول أو منفعة أو على سند أو توقيع هذا السند، وذلك بالاستعانة بأي طريقة احتيالية، أو باتخاذ اسم كاذب أو انتحال صفة غير صحيحة عن طريق الشبكة المعلوماتية أو نظام معلومات إلكتروني أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، فيما يعاقب قانون العقوبات الاتحادي على جريمة الاحتيال التقليدية (غير الإلكترونية) بالحبس من شهر إلى ثلاث سنوات أو بالغرامة من 1000 إلى 30 ألف درهم».
ودعا الغول إلى أخذ الحيطة والحذر من محترفي النصب والاحتيال، وعدم التسرع في دفع الأموال المطلوبة منهم، حتى لو كانت مبالغ بسيطة، إلا بعد التأكد من الشركات، أو عدم لجوء الأشخاص إلى وسائل احتيالية للاستيلاء على أموال الآخرين.
بدوره، أكد المحامي، أحمد رمضان، أهمية توافر المستندات والأدلة التي تثبت حقوق الضحايا، حتى يتمكنوا من إقامة دعاوى قضائية ضد مواقع التوظيف التي تروج لوظائف وهمية، وضمان المطالبة بالتعويض اللازم عن الأضرار التي لحقت بهم.
وأشار إلى أهمية زيادة وعي الأفراد بالطرق القانونية والآمنة للبحث عن الوظائف داخل الدولة، وتشديد العقوبات ضد مروجي الوظائف الوهمية، لحماية المجتمع من أصحاب النفوس الضعيفة الذين يستغلون حاجة الناس إلى العمل في الاستيلاء على أموالهم من دون وجه حق.
من جهته، قال الخبير الاقتصادي الإماراتي، مؤسس موقع «بيزات»، الدكتور صلاح الحليان، إن «مواقع التوظيف الوهمية تلعب دائماً على حاجة الشخص إلى العمل للاحتيال عليه»، مشيراً إلى أن «القاعدة العامة تقول: لا تحول أموالاً إلى أي شخص لا تعرفة معرفة وثيقة، إضافة إلى أن العرف السائد في مجال التوظيف أن الشركة تتحمل كلفة توظيف الأفراد، أو تتقاسمها وتخصمها من الراتب بعد ذلك».
وأضاف: «يجب على طالب الوظيفة أن يتأكد من الموقع الذي يقوم بالتعامل معه، وعما إذا لديه ترخيص مزاولة عمل أو تابع لجهة أو هيئة مرخصة من البلدية أو الدوائر الاقتصادية، وهل له عنوان ثابت، ورقم هاتف أرضي».
وتابع الحليان أن «حالات نصب واحتيال وقعت من خلال اختراق مواقع توظيف إلكترونية غير مؤمّنة، إذ تتم سرقة البيانات الشخصية للمتقدمين إلى الوظائف».