هو “,”حكيم العرب“,”.. كان زعيماً في أمة فقدت القادة.. كان عروبياً بمعنى الكلمة رجل فقده الزمان، حكيم بقراءة سطور الأيام وحروف التاريخ، استطاع أن يستشرف آفاق المستقبل بكل ثقة ووضوح، فسار بشعبه نحو الحضارة والتقدم الذي أذهل العالم، في أرض صحراء قاحلة، صارت خلال 40 عامًا وجهة سياحية رائدة في العالم، ونموذجًا اقتصاديًا وسياسيًا وشعبيًا يحتذى به، وينظر إليه كبارقة أمل تنتظر هذه المنطقة التي طالما عانت من شظف العيش، وطالما انتظرت رجلًا كـ“,”زايد الخيـــر “,”.
لا توفيه الكلمات حقه؛ فتقف عاجزة عن إبراز دوره في نهضة دولته، وتقف الحروف حائرة بين السطور، عاجزة عن الإنشاء والإخبار.. فزايد تجاوز اللغات وتجاوز التاريخ، فهو الأغلى في تاريخ هذا الوطن الجديد، الذي سيبكيه تراب الصحراء التي صارت جنة بين يديه حتى يرث الله هذه الأرض وما عليها .
شخصية متكاملة بامتياز تحيطها الأصالة العربية ومغروسة فيها النخوة الإسلامية، لم تشهد المنطقة ككل رجلًا أحبه الناس مثله .
انه الشيخ الراحل زايد بن خليفة.. لم يستحق أحد مثله أبدًا لقب الوالد، فهو الأب والأخ والصديق لكل مواطن ومقيم على هذه الأرض الطيبة، فتح ذراعيه للجميع دون استثناء، فأجلّه الخصوم قبل الأشقاء، بل صار الخصوم أصدقاء… ولما رحل بكاه الجميع، فزايد هو الوحيد الذي أحبّه حتى خصومه .
زايد هو الرجل الذي أشبع الرجولة معناها، فصار الملهم، والقدوة.. والذي لن ينسى التاريخ يومًا ما قدم، وما أعطى لهذا الوطن الذي عشقه بكل جوارحه، يتعامل مع ضيوفه بأخلاق الفرسان ولا يجيد إلا معاملة النبلاء .
كانت له وقفاته التي لا تنسى مع مصر والمصريين على مدى عقود طويلة من الزمن، علاقته بمصر علاقة العاشق والمحبوب.. الابن والام.. القلب والجسد .
هو من قال “,”ما تقوم به الإمارات نحو مصر هو نقطة ماء في بحر مما قامت به مصر نحو العرب“,”، وهو أيضا من قال : “,”نهضة مصر نهضة للعرب كلهم“,”، وقال: “,”أوصيت أبنائي بأن يكونوا دائما إلى جانب مصر، وهذه هي وصيتي أكررها لهم أمامكم، فهذا هو الطريق لتحقيق العزة للعرب كلهم “,”.
فى حرب أكتوبر 1973 كان الشيخ زايد في زيارة إلى بريطانيا، لم يتردد في إعلان دعمه الكامل، ووقوفه في الخندق الأمامي، قرر دعم الحرب بكل ما يملك، قدم ما في خزينة بلاده، ثم اقترض ملايين الجنيهات الاسترليني من البنوك الأجنبية ليقوم بإرسالها على الفور إلى مصر وسوريا .
قال كلمته الخالدة “,”ليس المال أو النفط العربي أغلى من الدماء العربية“,”، التي لا تزال تتردد أصداؤها حتى اليوم في جميع الأوساط بلا استثناء .
وبعد حرب أكتوبر كانت وقفة الشيخ زايد التي لا تنسى لمساعدة مصر على إعادة إعمار مدن قناة السويس (السويس- الإسماعيلية- بور سعيد) التي دُمرت في العدوان الإسرائيلي عليها عام 67 .
وكان دوماً يردد خلال اللقاءات مع القادة العرب ويقول “,”عندما تبدأ المعركة مع إسرائيل، فسوف نغلق على الفور صنابير البترول، ولن نكون بعيدين عن أشقائنا أبداً“,”، والتقت إرادته مع إرادة الملك فيصل رحمة الله عليه، الذى أطلق شرارة حظر البترول عن الغرب تضامناً مع معركة العرب في 1973 وإلى جواره حكام الأمة، فقد كانوا جميعاً على قلب رجل واحد .
عندما سئل الشيخ زايد في هذا الوقت من أحد الصحفيين الأجانب: ألا تخاف على عرشك من الدول الكبرى؟ لم يتردد العروبي الأصيل فى أن يقول “,”إن أكثر شيء يخاف عليه الإنسان هو روحه، وأنا لا أخاف على حياتي، وسأضحى بكل شيء في سبيل القضية العربية، إنني رجل مؤمن، والمؤمن لا يخاف إلا الله “,”.
كان الشيخ زايد منحازاً دوماً إلى مصر، وحتى عندما قوطعت مصر بعد قمة بغداد بسبب اتفاقية كامب ديفيد، قال مقولته الشهيرة: “,”لا يمكن أن يكون للأمة العربية وجود بدون مصر، كما أن مصر لا يمكنها بأي حال أن تستغنى عن الأمة العربية“,”، وظل على تواصله مع مصر رغم مقاطعة الآخرين .
هناك عشرات المدن التي سميت باسم الشيخ زايد في العديد من المحافظات والمناطق المصرية، ناهيك عن مساعداته التي كان لها دورها في العديد من المشروعات التنموية وسداد الديون المصرية .
وعندما بدأت مصر في اقتحام الصحراء بمشروع توشكى العملاق الذى يحول نصف مليون فدان من أرض صحراوية مهجورة إلى أرض زراعية عامرة بالسكان والخير، ويتكلف مليارات الدولارات.. فى هذا المشروع المستقبلي الكبير أنشئت قناة تمتد عدة كيلو مترات تحمل الحياة من مياه النيل إلى هذه الأرض الجديدة.. هذه القناة الكبرى تحمل اسم الشيخ زايد.. ويتردد كل لحظة في مصر الحديث عن قناة الشيخ زايد.. ومدن الشيخ زايد.. ومشروعات الشيخ زايد.. ومواقف الشيخ زايد ..
لن ينسى المصريون جميعاً بكل الوفاء، الوقفات المشهودة لشيخ العرب الكبير، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الاتحاد، وباني نهضتها، طيب الله ثراه، وأياديه البيضاء تجاه الشعب المصري، بالإسهام في تعمير مدن القناة .
رحمك الله أيها الشيخ….. عشت عروبيا .. ومت عروبيا .
الوسومالزمان الشيخ حكاية زايد سردها عشق ومصر